الجن كالإنس يموتون
قد يتوهم بعض الناس من أن الجن والشياطين لا يموتون،وهذا وهم فاسد لأنهم داخلون في قوله تعالى:{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) } [الرحمن:26 - 27]
جَميعُ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ مِنْ مَخْلُوقَاتٍ سَيَمُوتُونَ،وَكَذَلِكَ سَيَمُوتُ أهْلُ السَّمَاوَاتِ إِلاَ مَنْ شَاءَ اللهُ.
وَلاَ يَبْقَى حَيّاً إلا وَجْهُ اللهِ العَليِّ العَظِيمِ الكَرِيمِ،فَإِنَّهُ باقٍ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ،وَ أهْلٌ لأنْ يُجَلَّ فلاَ يُعصَى،وَأنَ يُطَاعَ فَلاَ يُخالفَ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ - - كَانَ يَقُولُ « أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ الَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ،الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ » .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -- كَانَ يَقُولُ « اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُضِلَّنِى أَنْتَ الْحَىُّ الَّذِى لاَ يَمُوتُ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ يَمُوتُونَ » .
وعَنْ زُرْعَةَ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ:قَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:" أَتَمُوتُ الْجِنُّ؟ قَالَ:نَعَمْ غَيْرَ إِبْلِيسَ قَالَ:فَمَا هَذِهِ الْحَيَّةُ الَّتِي تُدْعَى الْجَانَّ؟ قَالَ:هِيَ صِغَارُ الْجِنِّ " .
أما مقدار أعمارهم فلا نعلمها إلا ما أخبرنا الله عن إبليس اللعين أنه سيبقى حياً إلى أن تقوم الساعة:قال تعالى:{ قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15)} [الأعراف:14،15]
لقد اسْتَدْرَكَ إِبْلِيسُ،وَسَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُمْهِلَهُ وَلاَ يُمِيتَهُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ،وَهُوَ اليَوْمَ الذِي سَيَبْعَثُ فِيهِ اللهُ الخَلائِقَ لِلْحِسَابِ.وَقَدْ أَرَادَ إِبْلِيسُ بِذَلِكَ أَنْ يَجِدَ فُسْحَةً مِنَ الوَقْتِ لإِغْوَاءِ بَنِي آدَمَ وَإِضْلاَلِهِمْ.
فَأَجَابَهُ اللهُ تَعَالَى إلَى سُؤَالِهِ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَتْهَا إِرَادَتُهُ وَمَشِيئَتُهُ التِي لاَ تُخَالَفُ وَلا تُعَارَضُ.وَقَدْ أَنْظَرَهُ اللهُ إلَى يَوْمِ الوَقْتِ المَعْلُومِ،يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ كَمَا جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى .
-أيسر التفاسير لأسعد حومد [ص 4806]
- صحيح البخارى- المكنز [24 /215] (7383 )
- صحيح مسلم- المكنز [17 /363](7074 )
- العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (5/ 1691) صحيح
- أيسر التفاسير لأسعد حومد [ص 969]
وقال تعالى:{ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38)} [الحجر:36 - 38]
لَمَّا تَحَقَّقَ إِبْلِيسُ مِنَ الغَضَبِ الذِي لاَ مَصرفَ لَهُ عَنْهُ،سَأَلَ الرَّبَّ الكَرِيمَ النَّظِرَةَ وَالإِمْهَالَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ،وَأَنْ يُؤَخِّرَ مَوْتَهُ إِلَى ذَلِكَ اليَوْمِ،وَذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ حَسَدِهِ لآدَمَ وَذُرِّيَتِهِ.
فَأَجَابَهُ الرَّبُّ تَعَالَى شَأْنُهُ إِلَى مَا سَأَلَهُ،وَقَالَ لَهُ:إِنَّهُ سَيَكُونُ مِنَ المُمْهَلِينَ،اسْتِدْرَاجاً لَهُ.إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ،وَهُوَ الوَقْتُ المَعْلُومُ. ..
أما غيره فلا ندري مقدار أعمارهم.والذي يجب على المسلم أن يقف في أمثال هذه المسائل على الكتاب والسنة.