منتدى الرقيه الشرعية للشيخ ابراهيم سرحان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الرقيه الشرعية للشيخ ابراهيم سرحان

هذا الموقع يهم كل المسلمين لأن الكلام سيكون عن قرين الإنسان ( الشيطان )وهذا القرين يغفل عنه الكثير من الناس فهو سبب تعاسة الإنسان في الدنيا والآخرة إلا ما رحم ربى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الجنُّ مكلَّفون كالإنس

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 209
تاريخ التسجيل : 27/02/2015

الجنُّ مكلَّفون كالإنس Empty
مُساهمةموضوع: الجنُّ مكلَّفون كالإنس   الجنُّ مكلَّفون كالإنس Emptyالأربعاء مارس 25, 2015 11:43 pm

الجنُّ مكلَّفون كالإنس

قال ابن عبد البر:"وَهُمْ عِنْدَ الْجَمَاعَةِ مُكَلَّفُونَ مخاطبون لقوله تعالى يا معشر الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وَقَوْلِهِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ وَقَوْلِهِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ وَلَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا  رَسُولٌ إِلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ هَذَا مِمَّا فُضِّلَ بِهِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُ بُعِثَ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَغَيْرُهُ لَمْ يُرْسَلْ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ  وَدَلِيلُ ذَلِكَ مَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ دُعَائِهِمْ إِلَى الْإِيمَانِ بِقَوْلِهِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ."  ..
فالمسلمُ يؤمن بأن مصيرَ الكافرين من الجنِّ هو نفس مصير الكافرين من الإنس،فهم مكلفون بالإيمان بالله وطاعته،وسوف يحاسبون على ما يعملون فى الدنيا،قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (179) سورة الأعراف.
ولقد خلقنا للنار -التي يعذِّب الله فيها مَن يستحق العذاب في الآخرة - كثيرًا من الجن والإنس،لهم قلوب لا يعقلون بها،فلا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا،ولهم أعين لا ينظرون بها إلى آيات الله وأدلته،ولهم آذان لا يسمعون بها آيات كتاب الله فيتفكروا فيها،هؤلاء كالبهائم التي لا تَفْقَهُ ما يقال

 - أيسر التفاسير لأسعد حومد [ص 1839]
 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (11/ 117)

لها،ولا تفهم ما تبصره،ولا تعقل بقلوبها الخير والشر فتميز بينهما،بل هم أضل منها; لأن البهائم تبصر منافعها ومضارها وتتبع راعيها،وهم بخلاف ذلك،أولئك هم الغافلون عن الإيمان بالله وطاعته .
وقال تعالى::{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (13) سورة السجدة
لو شاء اللّه لجعل لجميع النفوس طريقا واحدا.هو طريق الهدى،كما وحد طريق المخلوقات التي تهتدي بإلهام كامن في فطرتها،وتسلك طريقة واحدة في حياتها من الحشرات والطير والدواب أو الخلائق التي لا تعرف إلا الطاعات كالملائكة.لكن إرادة اللّه اقتضت أن يكون لهذا الخلق المسمى بالإنسان طبيعة خاصة،يملك معها الهدى والضلال ويختار الهداية أو يحيد عنها ويؤدي دوره في هذا الكون بهذه الطبيعة الخاصة،التي فطره اللّه عليها لغرض ولحكمة في تصميم هذا الوجود.ومن ثم كتب اللّه في قدره أن يملأ جهنم من الجنة ومن الناس الذين يختارون الضلالة،ويسلكون الطريق المؤدي إلى جهنم.
وقوله تعالى:«وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها..وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ».هو ردّ ضمنى على ما طلب المجرمون من أن يعودوا إلى الحياة الدنيا مرة أخرى..
والمعنى:أن الهدى بيد اللّه،وفي قيد مشيئته..وأنه سبحانه لو شاء لهدى الناس جميعا،ولكنه سبحانه جعل للجنة أهلها ولها يعملون،وجعل للنار أهلها ولها يعملون..وأن مما قضى اللّه به في خلقه أن يملأ النار ويعمرها بمن جعلهم من أهلها،من الجنة والناس!
وأن هؤلاء المجرمين الذين رأوا مشاهد القيامة،وعاينوا أهوالها،وتمنوا العودة إلى الدنيا،ليستقيموا على طريق الحق والهدى ـ هؤلاء المجرمون،لو ردوا إلى الدنيا لعادوا لما نهوا عنه،ولركبوا نفس الطريق الذي كانوا عليه من قبل،ولماتوا على الكفر والضلال،ولكانوا في أصحاب النار،وذلك لأن قضاء اللّه فيهم قد سبق،وأنهم لن يخرجوا عما قضى اللّه فيهم!
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبُّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1] وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ  فِي سَفَرٍ وَقَدْ نَعَسَ بَعْضُ الْقَوْمِ،وَتَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ،فَرَفَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ  صَوْتَهُ،فَاجْتَمَعُوا إِلَى النَّبِيِّ  وَقَالُوا:إِنَّ السَّاعَةَ قَدْ قَامَتْ،فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ  وَقَالَ:«أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ ذَلِكُمْ؟» قَالُوا:اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ:" ذَلِكَ حِينَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ لِآدَمَ:قُمْ يَا آدَمُ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ:يَقُولُ:وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ:ابْعَثْ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ،وَوَاحِدًا إِلَى الْجَنَّةِ "،فَأَبْلَسَ الْقَوْمُ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ يُبْدِي عَنْ وَاضِحَةٍ فَقَالَ:«اعْمَلُوا وَأَبْشِرُوا،فَمَا

 - التفسير الميسر - (3 / 140)
 - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع - (5 / 2811)
 - التفسير القرآني للقرآن ـ موافقا للمطبوع - (11 / 616)

أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي ظَهْرِ الْبَعِيرِ أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ»،ثُمَّ قَالَ:«اعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعَ خَلِيقَتَيْنِ لَمْ يَكُونُوا فِي شَيْءٍ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ،يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ مَعَ مَنْ هَلَكَ مِنْ وَلَدِ إِبْلِيسَ»
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،قَالَ:نَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:1] عَلَى النَّبِيِّ ،وَهُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ،فَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى ثَابَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ،ثُمَّ قَالَ:«أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ يَوْمَ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِآدَمَ:يَا آدَمُ،قُمْ فَابْعَثْ بَعْثَ النَّارِ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ»،فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ،فَقَالَ النَّبِيُّ :«سَدِّدُوا،وَقَارِبُوا،وَأَبْشِرُوا،فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ فِي النَّاسِ إِلَّا كَالشَّامَةِ فِي جَنْبِ الْبَعِيرِ،أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الدَّابَّةِ،وَإِنَّ مَعَكُمْ لَخَلِيقَتَيْنِ مَا كَانَتَا مَعَ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا كَثَّرَتَاهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَمَنْ هَلَكَ مِنْ كَفَرَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ»
قال ابن كثير عند قوله تعالى:{ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأحقاف:31]
" وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ الْجِنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ،وَإِنَّمَا جَزَاءُ صَالِحِيهِمْ أَنْ يُجَارُوا مِنْ عَذَابِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛وَلِهَذَا قَالُوا هَذَا فِي هَذَا الْمَقَامِ،وَهُوَ مَقَامُ تَبَجُّحٍ وَمُبَالَغَةٍ فَلَوْ كَانَ لَهُمْ جَزَاءٌ عَلَى الْإِيمَانِ أَعْلَى مِنْ هَذَا لَأَوْشَكَ أَنْ يَذْكُرُوهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ:حُدِّثْتُ عَنْ جَرِيرٍ،عَنْ لَيْثٍ،عَنْ مُجَاهِدٍ،عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ:إِنَّ «الْجِنَّ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِنَّمَا يَنْجُو مُؤْمِنُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ؛لِأَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْلِيسَ،وَلَا يَدْخُلُ ذُرِّيَّةُ إِبْلِيسَ الْجَنَّةَ».  
وَالْحُقُّ أَنَّ مُؤمِنَهم كَمُؤْمِنِي الْإِنْسِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ،كَمَا هُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ،وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ لِهَذَا بِقَوْلِهِ:{لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرَّحْمَنِ:74]،وَفِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ،وَأَحْسَنُ مِنْهُ قوله تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرَّحْمَنِ:46،47]،فَقَدِ امْتَنَّ تَعَالَى عَلَى الثَّقَلَيْنِ بِأَنْ جَعَلَ جَزَاءَ مُحْسِنِهِمُ الْجَنَّةَ،وَقَدْ قَابَلَتِ الجِنّ هَذِهِ الْآيَةَ بِالشُّكْرِ الْقَوْلِيِّ أَبْلَغَ مِنَ الْإِنْسِ،فَقَالُوا:"وَلَا بِشَيء مِنْ آلَائِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ،فَلَكَ الْحَمْدُ" فَلَمْ يَكُنْ تَعَالَى لِيَمْتَنَّ عَلَيْهِمْ بِجَزَاءٍ لَا يَحْصُلُ لَهُمْ،وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يُجَازِي كَافِرَهُمْ بِالنَّارِ -وَهُوَ مَقَامُ عَدْلٍ-فَلأنْ يُجَازِيَ مُؤْمِنَهُمْ بِالْجَنَّةِ -وَهُوَ مَقَامُ فَضْل-بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.وَمِمَّا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ عمومُ قَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نزلا}

 - المعجم الكبير للطبراني (18/ 155)(340 ) صحيح
 - صحيح ابن حبان - مخرجا (16/ 352)(7354 ) صحيح
ثاب:اجتمع وجاء = سددوا:الزموا السداد وهو الصواب بلا إفراط وبلا تفريط = قارب:اقتصد وحاول الوصول إلى الكمال = الشامة والشأمة:العلامة في الجسد وتعرف بالخال ومنه:جميل الخال والقوام =البعير:ما صلح للركوب والحمل من الإبل،وذلك إذا استكمل أربع سنوات،ويقال للجمل والناقة = الرقمة:الهَنَة الناتِئة في ذِراع الدابة من داخِل،وهما رَقْمتان في ذراعَيها
 تفسير ابن أبي حاتم،الأصيل - مخرجا (8/ 2786)(15757 ) ضعيف لا يحتج به في هذا المقام،فيه ضعف وجهالة

[الكهف:107]،وما أَشْبَهُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.وَقَدْ أَفْرَدْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي جُزْءٍ عَلَى حِدَةٍ،وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ".

قلت:والرسول  مبعوث للإنس والجن،وقد نزلت عليه سورة الجن بهذا الخصوص،قال تعالى:{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (Cool وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) } [الجن:1 - 15]
قُلْ يَا مُحَمَّدُ لِقَوْمِكَ:إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الجِنِّ اسْتَمَعُوا إِلَى القُرْآنِ فآمَنُوا بِهِ،وَصَدَّقُوهُ،وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:إِنَّنَا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً بَدِيعاً.
وَهَذَا القُرْآنُ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ،وَإِلَى طَرِيقِ الهُدَى والرَّشَادِ،فَصَدَّقْنَا بِهِ،وَلَنْ نَعُودَ إِلَى مَا كُنّا عَلَيْهِ مِنَ الإِشْرَاكِ بِعِبَادَةِ رَبِّنَا أَحَداً.وَنَزَّهُوا رَبَّهُمُ العَظِيمَ عَنِ الزَّوْجَةِ والصَّاحِبَةِ وَالوَلَدِ،لأَنَّ الصَّاحِبَةَ تُتَخَذُ لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا،وَلأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الزَّوْجِ،وَالوَلَدُ يُتَّخَذُ لِلاسْتِئْنَاسِ بِهِ،وَلِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي الكِبَرِ وَفِي الشَّدَّةِ،وَلِبَقَاءِ الذِّكْرِ.وَاللهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ،فَهُوَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ،وَهُوَ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نَصِيرٍ وَلاَ إِلَى مُعِينٍ،وَهُوَ بَاقٍ دَائِمٌ أَبَداً
وَأَنَّ الجُهَّالَ مِنَ الجِنِّ كَانُوا يَقُولُونَ قَوْلاً بَعِيداً عَنِ الحَقِّ وَالصَّوَابِ،بِنِسْبَةِ الصَّاحِبَةِ وَالوَلَدِ إِلَيْهِ تَعَالَى.وَأَنَّنَا كُنَّا نَظُنُّ أَنَّهُ لَنْ يَكْذِبَ أَحَدٌ عَلَى اللهِ تَعَالَى مِنَ الإِنْسِ وَالجِنَّ فَيَنْسبَ إِلَيْهِ تَعَالَى الصَّاحِبَةَ وَالوَلَدَ،وَمِنْ ثَمَّ اعْتَقَدْنَا صِحَّةَ قَوْلِ السَّفِيهِ،فَلَمَّا سَمِعْنَا القُرْآنَ عَلَى اللهِ فِي ذَلِكَ.وَأَنَّ رِجَالاً مِنَ الإِنْسِ كَانُوا يَسْتَعِيذُونَ،وَهُمْ فِي القِفَارِ،بِرِجَالٍ مِنَ الجِنِّ،فَزَادُوا الجِنَّ بِذَلِكَ طُغْيَاناً وَغَيّاً،بِأَنْ أَضَلُّوهُمْ حَتَّى اسْتَعَاذُوا بِهِمْ.
 - تفسير ابن كثير ت سلامة (7/ 303)

وَأَنَّ الجِنَّ ظَنُّوا،كَمَا ظَنَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الإِنْسِ،أَنَّ اللهَ لَنْ يَبْعَثَ رَسُولاً مِنَ البَشَرِ إِلَى خَلْقِهِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِيْمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَإِلَى الإِيْمَانِ بِالرُّسُلِ،وَاليَوْمِ الآخِرِ.( أَوْ أَنَّ اللهَ لَنْ يَبْعَثَ أَحَداً مِنْ قَبْرِهِ فِي الآخِرَةِ لِيُحَاسِبَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ ).
يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّهُ حِينَ بَعَثَ مُحَمَّداً  رَسُولاً،وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ القُرْآنَ،حَفِظَ اللهُ القُرْآنَ مِنَ الجِنِّ إِذْ مُلِئَتِ السَّمَاءُ حَرَساً شَدِيداً،وَحُفِظَتْ مِنْ جَمِيعِ أَرْجَائِهَا،وَطُرِدَتِ الشَّيَاطِينُ مِنْ مَقَاعِدِهَا لِئَلاَّ يَسْتَرِقُوا سَمْعَ شَيءٍ مِنَ القُرْآنِ،فَأَخْبَرَ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الجِنَّ قَالُوا:لَقَدْ طَلَبنَا خَبَرَ السَّمَاءِ ( لَمَسْنَا السَّمَاءَ ) كَمَا جَرَتْ عَادَتُنَا بِذَلِكَ فَوَجَدْنَاهَا قَدْ مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً،وَشُهُباً تَحْرُسُهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ،وَتَمْنَعُنَا مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ قَبْلَ ذَلِكَ فِيهَا مَقَاعِدَ خَالِيَةً مِنَ الحَرَسِ والشُّهُبِ لِنَسْتَرِقَ السَّمْعَ،فَطُرِدْنَا مِنْهَا لِكَيْلاَ نَسْتَمِعَ إِلى شَيءٍ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ عَنِ القُرْآنِ،لِنُلْقِيَهُ إِلَى الكُهَّانِ،فَمَنْ يُرِدْ أْنْ يَسْتَرِقَ الآنَ السَّمْعَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً مُرْصَداً يُهْلِكُهُ لِسَاعَتِهِ.وَأَنَّا لاَ نَدْرِي مَا هَذَا الأَمْرُ الذِي حَدَثَ فِي السَّمَاءِ،أَهُوَ شَرٌ أَرَادَ اللهُ إِنْزَالَهُ بِأَهْلِ الأَرْضِ،أَمْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْراً وَرَشَداً.وَأَنَّا مِنّا الأَبْرَارُ المُتَّقُونَ،العَامِلُونَ بِطَاعَةِ اللهِ،وَمِنَّا قَوْمٌ دُونَ ذَلِكَ وَأَنَّا كُنَّا مَذَاهِبَ وَأَهْوَاءً مُخْتَلِفَةً،وَفِرَقاً شَتَّى:فَمِنَّا المُؤْمِنُونَ وَمِنَّا الفَاسِقُونَ وَمِنَّا الكَافِرُونَ.
وَأَنَّا لَنَعْلَمُ يَقِيناً أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ حَاكِمَةٌ عَلَيْنَا،وَأَنَّا لَنْ نُعْجِزَهُ تَعَالَى،وَلَوْ أَمْعَنَّا فِي الهَرَبِ،فَإِنَّهُ عَلَيْنَا قَادِرٌ،وَلاَ يُعْجِزُهُ أَحَدٌ مِنَّا.وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا القُرْآنَ الذِي يَهْدِي إِلَى الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ صَدَّقْنَا بِهِ،وَأَقْرَرْنَا بِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى.وَمَنْ يُصَدِّقْ بِاللهِ وَبِمَا أَنْزَلَهُ عَلَى رُسُلِهِ فَلاَ يَخَافُ نَقْصاً مِنْ حَسَنَاتِهِ،وَلاَ ذَنْباً يُحْمَلُ عََلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ غَيْرِهِ.
وَأَنَّا مِنَّا المُؤْمِنُونَ،الذِينَ أَطَاعُوا اللهَ وَاَخْبَتُوا إِلَيْهِ،وَعَمِلُوا صَالِحاً يَرْضَاهُ،وَمِنَّا الجَائِرُونَ عَنِ النَّهْجِ القَوِيمِ،الخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ،وَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَأَطَاعَهُ،فَقَدْ اجْتَهَدَ فِي سُلُوكِ الطَّرِيقِ المُوصِلِ لِلسَّعَادَةِ.وَأَمَّا الجَائِرُونَ عَنْ سُنَنِ الإِسْلاَمِ فَإِنَّهُمْ سَيَكُونُونَ حَطَباً لِجَهَنَّمَ،تُوقَدُ بِهِمْ كَمَا تُوقَدُ بِكَفَرَةِ الإِنْسِ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ  عَلَى الْجِنِّ وَلا رَآهُمْ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ  فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ،وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيْطَانِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،وَأُرْسِلَ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ،فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ،قَالُوا:مَا لَكُمْ؟ قَالُوا:حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ،قَالُوا:مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلا شَيْءٌ حَدَثَ،فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا،فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ  وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظَ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاةَ الْفَجْرِ،فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ وَقَالُوا:هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ

أيسر التفاسير لأسعد حومد (ص:5326،بترقيم الشاملة آليا)

بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،قَالَ:فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ،فَقَالُوا:يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا،فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ :{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ}[سورة الجن آية 1]،وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ انْطَلَقَ النَّبِىُّ -  - فِى طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ،وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ،فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ.فَقَالُوا مَا لَكُمْ فَقَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ،وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ.قَالُوا مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ شَىْءٌ حَدَثَ،فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا،فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِىِّ -  - وَهْوَ بِنَخْلَةَ،عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ،فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ فَقَالُوا هَذَا وَاللَّهِ الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ.فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا يَا قَوْمَنَا ( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ -  - ( قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ ) وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ .
وعَنْ عَامِرٍ،قَالَ:سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ ؟ قَالَ:فَقَالَ عَلْقَمَةُ،أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ:هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لَيْلَةَ الْجِنِّ ؟ قَالَ:لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ.فَقُلْنَا:اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.قَالَ:فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.قَالَ:فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.فَقَالَ:" أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ " قَالَ:فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ:" لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ :" فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ "
وعَنْ عَلْقَمَةَ،قَالَ:قُلْنَا لِعَبْدِ اللَّهِ:هَلْ صَحِبَ النَّبِيَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ لَيْلَةَ الْجِنِّ ؟ , قَالَ:لَمْ يَصْحَبْهُ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا أَنَا،بِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ،إِنَّا افْتَقَدْنَاهُ , فَقُلْنَا:اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ،فَتَفَرَّقْنَا فِي الشِّعَابِ وَالْأَوْدِيَةِ نَطْلُبُهُ،فَلَقِيتُهُ مُقْبِلًا مِنْ نَحْوِ حِرَاءَ،فَقُلْتُ:بِأَبِي وَأُمِّي،بِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ،فَقَالَ:" إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَأَجَبْتُهُمْ أُقْرِئُهُمُ الْقُرْآنَ " , وَأَرَانِي آثَارَهَمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ " .
مسند أبي عوانة مشكلا [2 /274](3078 ) صحيح
 - صحيح البخارى- المكنز [3 /302](773 ) وصحيح مسلم- المكنز [3 /246](1034 )
 - صحيح مسلم- المكنز [3 /247](1035 )
 - السُّنَنُ الْكُبْرَى لِلنَّسَائِي (10243)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ  وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ،قَالُوا:أَنْصِتُوا،قَالُوا:صَهٍ،وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا إِلَى ضَلالٍ مُبِينٍ " .
وقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ:فَحَدّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ،عَنْ مُحَمّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيّ،قَالَ لَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ إلَى الطّائِفِ،عَمَدَ إلَى نَفَرٍ مِنْ ثَقِيفٍ،هُمْ يَوْمَئِذٍ سَادَةُ ثَقِيفٍ وَأَشْرَافُهُمْ وَهُمْ إخْوَةٌ ثَلَاثَةٌ عَبْدُ يَالَيْل بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ،وَمَسْعُودُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ،وَحَبِيبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُقْدَةَ بْنِ غِيرَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ،وَعِنْدَ أَحَدِهِمْ امْرَأَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي جُمَحٍ فَجَلَسَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ فَدَعَاهُمْ إلَى اللّهِ وَكَلّمَهُمْ بِمَا جَاءَهُمْ لَهُ مِنْ نُصْرَتِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْقِيَامِ مَعَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ لَهُ أَحَدُهُمْ هُوَ يَمْرُطُ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ اللّهُ أَرْسَلَك،وَقَالَ الْآخَرُ أَمَا وَجَدَ اللّهُ أَحَدًا يُرْسِلُهُ غَيْرَك وَقَالَ الثّالِثُ وَاَللّهِ لَا أُكَلّمُك أَبَدًا.لَئِنْ كُنْتَ رَسُولًا مِنْ اللّهِ كَمَا تَقُولُ لَأَنْتَ أَعْظَمُ خَطَرًا مِنْ أَنْ أَرُدّ عَلَيْك الْكَلَامَ وَلَئِنْ كُنْت تَكْذِبُ عَلَى اللّهِ مَا يَنْبَغِي لِي أَنْ أُكَلّمَك.فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ مِنْ عِنْدِهِمْ وَقَدْ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ،وَقَدْ قَالَ لَهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي -:إذَا فَعَلْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ فَاكْتُمُوا عَنّي،وَكَرِهَ رَسُولُ اللّهِ أَنْ يَبْلُغَ قَوْمَهُ عَنْهُ فَيُذْئِرَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ.قَالَ ابْنُ هِشَامٍ:قَالَ عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ:
وَلَقَدْ أَتَانِي عَنْ تَمِيمٍ أَنّهُمْ ذَئِرُوا لِقَتْلَى عَامِرٍ وَتَعَصّبُوا
فَلَمْ يَفْعَلُوا،وَأَغْرَوْا بِهِ سُفَهَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ يَسُبّونَهُ وَيَصِيحُونَ بِهِ حَتّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النّاسُ وَأَلْجَئُوهُ إلَى حَائِطٍ لِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ،وَهُمَا فِيهِ وَرَجَعَ عَنْهُ مِنْ سُفَهَاءِ ثَقِيفٍ مَنْ كَانَ يَتْبَعُهُ فَعَمَدَ إلَى ظِلّ حَبَلَةٍ مِنْ عِنَبٍ فَجَلَسَ فِيهِ.وَابْنَا رَبِيعَةَ يَنْظُرَانِ إلَيْهِ وَيَرَيَانِ مَا لَقِيَ مِنْ سُفَهَاءِ أَهْلِ الطّائِفِ،وَقَدْ لَقِيَ رَسُولُ اللّهِ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - الْمَرْأَةَ الّتِي مِنْ بَنِي جُمَحٍ فَقَالَ لَهَا:مَاذَا لَقِينَا مِنْ أَحْمَائِك ؟
فَلَمّا اطْمَأَنّ رَسُولُ اللّهِ قَالَ - فِيمَا ذُكِرَ لِي -:اللّهُمّ إلَيْك أَشْكُو ضَعْفَ قُوّتِي،وَقِلّةَ حِيلَتِي،وَهَوَانِي عَلَى النّاسِ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ أَنْتَ رَبّ الْمُسْتَضْعَفِينَ وَأَنْتَ رَبّي،إلَى مَنْ تَكِلُنِي ؟ إلَى بَعِيدٍ يَتَجَهّمُنِي ؟ أَمْ إلَى عَدُوّ مَلّكْتَهُ أَمْرِي ؟ إنْ لَمْ يَكُنْ بِك عَلَيّ غَضَبٌ فَلَا أُبَالِي،وَلَكِنّ عَافِيَتَك هِيَ أَوْسَعُ لِي،أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِك الّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الظّلُمَاتُ وَصَلُحَ عَلَيْهِ أَمْرُ الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَنْ تُنْزِلَ بِي غَضَبَك،أَوْ يَحِلّ عَلَيّ سُخْطُكَ لَك الْعُتْبَى حَتّى تَرْضَى،وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إلّا بِك  قَالَ فَلَمّا رَآهُ ابْنَا رَبِيعَةَ،عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ وَمَا لَقِيَ تَحَرّكَتْ لَهُ رَحِمُهُمَا،فَدَعَوْا غُلَامًا لَهُمَا نَصْرَانِيّا،يُقَالُ لَهُ عَدّاسٌ فَقَالَا لَهُ خُذْ قِطْفًا ( مِنْ هَذَا ) الْعِنَبِ فَضَعْهُ فِي هَذَا الطّبَقِ ثُمّ اذْهَبْ بِهِ إلَى ذَلِكَ الرّجُلِ فَقُلْ لَهُ يَأْكُلُ مِنْهُ.فَفَعَلَ عَدّاسٌ ثُمّ أَقْبَلَ بِهِ حَتّى وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ ثُمّ قَالَ لَهُ كُلْ فَلَمّا وَضَعَ رَسُولُ اللّهِ فِيهِ يَدَهُ قَالَ بِاسْمِ اللّهِ ثُمّ أَكَلَ فَنَظَرَ عَدّاسٌ فِي وَجْهِهِ ثُمّ قَالَ وَاَللّهِ إنّ هَذَا الْكَلَامَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ هَذِهِ الْبِلَادِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ ا

المستدرك للحاكم مشكلا [3 /202]( 3701) صحيح

اللّهِ وَمِنْ أَهْلِ أَيّ الْبِلَادِ أَنْتَ يَا عَدّاسُ وَمَا دِينُك ؟ قَالَ نَصْرَانِيّ،وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ نِينَوَى،فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ مِنْ قَرْيَةِ الرّجُلِ الصّالِحِ يُونُسَ بْنِ مَتّى،فَقَالَ لَهُ عَدّاسٌ وَمَا يُدْرِيك مَا يُونُسُ بْنُ مَتّى ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ ذَاكَ أَخِي،كَانَ نَبِيّا وَأَنَا نَبِيّ،فَأَكَبّ عَدّاسٌ عَلَى رَسُولِ اللّهِ يُقَبّلُ رَأْسَهُ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ قَالَ يَقُولُ ابْنَا رَبِيعَةَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ أَمّا غُلَامُك فَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْك.فَلَمّا جَاءَهُمَا عَدّاسٌ قَالَا لَهُ وَيْلَك يَا عَدّاسُ مَالَكَ تُقَبّلُ رَأْسَ هَذَا الرّجُلِ وَيَدَيْهِ وَقَدَمَيْهِ ؟ قَالَ يَا سَيّدِي مَا فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ خَيْرٌ مِنْ هَذَا،لَقَدْ أَخْبَرَنِي بِأَمْرِ مَا يَعْلَمُهُ إلّا نَبِيّ،قَالَا لَهُ وَيْحَك يَا عَدّاسُ لَا،يَصْرِفَنّك عَنْ دِينِك،فَإِنّ دِينَك خَيْرٌ مِنْ دِينِهِ.
قَالَ ثُمّ إنّ رَسُولَ اللّهِ انْصَرَفَ مِنْ الطّائِفِ رَاجِعًا إلَى مَكّةَ،يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ،حَتّى إذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ يُصَلّي،فَمَرّ بِهِ النّفَرُ مِنْ الْجِنّ الّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُمْ - فِيمَا ذُكِرَ لِي - سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ جِنّ أَهْلِ نَصِيبِينَ فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلّوْا.إلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إلَى مَا سَمِعُوا.فَقَصّ اللّهُ خَبَرَهُمْ عَلَيْهِ قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ { وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ } إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى { وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيّ أَنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنّ } إلَى آخِرِ الْقِصّةِ مِنْ خَبَرِهِمْ فِي هَذِهِ السّورَةِ " ..
ويعقب ابن كثير في التفسير على رواية ابن إسحاق بقوله:« وَهَذَا صَحِيحٌ،وَلَكِنَّ قَوْلَهُ:"إِنَّ الْجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ".فِيهِ نَظَرٌ؛لِأَنَّ الْجِنَّ كَانَ اسْتِمَاعُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِيحَاءِ،كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ،وَخُرُوجُهُ،عَلَيْهِ السَّلَامُ،إِلَى الطَّائِفِ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ عَمِّهِ،وَذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ،كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.  وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ،فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا:أَنْصِتُوا.قَالَ صَهٍ،وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} إلى:{ضَلالٍ مُبِينٍ}.» .
فَهَذَا مَعَ الْأَوَّلِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  لَمْ يَشْعُرْ بِحُضُورِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ وَإِنَّمَا اسْتَمَعُوا قِرَاءَتَهُ،ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَدُوا إِلَيْهِ أَرْسَالًا قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ،وَفَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ،كَمَا سَيَأْتِي بِذَلِكَ الْأَخْبَارُ فِي مَوْضِعِهَا وَالْآثَارُ،مِمَّا سَنُورِدُهَا هَاهُنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِهِ الثِّقَةُ..
وذكر الروايات الكثيرة وغالبها يدور بين الصحة والحسن،ثم قال في نهاية هذه الأحاديث:"  فَهَذِهِ الطُّرُقُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ  ذَهَبَ إِلَى الْجِنِّ قَصْدًا،فَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ،وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ،عَزَّ وَجَلَّ،وَشَرَعَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَى لِسَانِهِ مَا هُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَوَّلَ مَرَّةٍ


سيرة ابن هشام [1 /419] صحيح مرسل
 - المستدرك على الصحيحين -دار المعرفة بيروت (2/ 456)(3701)

سَمِعُوهُ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ [وَ] لَمْ يَشْعُرْ بِهِمْ،كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ،رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَفَدُوا إِلَيْهِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ  حَالَ مُخَاطَبَتِهِ الْجِنَّ وَدُعَائِهِ إِيَّاهُمْ،وَإِنَّمَا كَانَ بَعِيدًا مِنْهُ،وَلَمْ يَخْرُجْ مَعَ النَّبِيِّ  أَحَدٌ سِوَاهُ،وَمَعَ هَذَا لَمْ يَشْهَدْ حَالَ الْمُخَاطَبَةِ،هَذِهِ طَرِيقَةُ الْبَيْهَقِيِّ.
وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلَ مَرَّةٍ خَرَجَ إِلَيْهِمْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلَا غَيْرُهُ،كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الرِّوَايَةِ الْأُولَى مِنْ طَرِيقِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ،وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ.ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى،وَاللَّهُ أَعْلَمُ،كَمَا رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِ:{قُلْ أُوحِيَ}،مِنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ:أَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بِنَخْلَةَ فَجِنُّ نِينَوَى،وَأَمَّا الْجِنُّ الَّذِينَ لَقُوهُ بِمَكَّةَ فَجِنُّ نَصِيبِينَ،وَتَأَوَّلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ:"فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ"،عَلَى غَيْرِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ بِخُرُوجِهِ  إِلَى الْجِنِّ،وَهُوَ مُحْتَمَلٌ عَلَى بُعْدٍ،وَاللَّهُ أَعْلَمُ.. .
قلت:وهو الصواب،فطالما أن الجمع ممكن فالإعمال أولى من الإهمال.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وَقَدْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ خَاطَبَ الْجِنَّ وَخَاطَبُوهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ وَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ الزَّادَ.وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:إنَّ النَّبِيَّ  لَمْ يَرَ الْجِنَّ وَلَا خَاطَبَهُمْ وَلَكِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ عَلِمَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا عَلِمَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ إتْيَانِ الْجِنِّ إلَيْهِ وَمُخَاطَبَتِهِ إيَّاهُمْ وَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَمَّا حُرِسَتْ السَّمَاءُ وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَمُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ مَا فِيهِ عِبْرَةٌ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَبَعْدَ هَذَا أَتَوْهُ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ وَرُوِيَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ وَصَارَ كُلَّمَا قَالَ:{ فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } قَالُوا:وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ آلَائِك رَبَّنَا نُكَذِّبُ فَلَك الْحَمْدُ.وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنْ خِطَابِ الثَّقَلَيْنِ مَا يُبَيِّنُ هَذَا الْأَصْلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا } وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ الْجِنِّ أَنَّهُمْ قَالُوا:{ وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا } أَيْ:مَذَاهِبَ شَتَّى:مُسْلِمُونَ وَكُفَّارٌ ؛وَأَهْلُ سُنَّةٍ وَأَهْلُ بِدْعَةٍ وَقَالُوا:{ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا } { وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا } وَالْقَاسِطُ:الْجَائِرُ يُقَالُ:قَسَطَ إذَا جَارَ وَأَقْسَطَ إذَا عَدَلَ.وَكَافِرُهُمْ مُعَذَّبٌ فِي الْآخِرَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.وَأَمَّا مُؤْمِنُهُمْ فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَقَدْ رُوِيَ:" أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي رُبَضِ الْجَنَّةِ تَرَاهُمْ الْإِنْسُ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ ".وَهَذَا الْقَوْلُ مَأْثُورٌ عَنْ

تفسير ابن كثير - دار طيبة [7 /290-296]

مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.وَقِيلَ:إنَّ ثَوَابَهُمْ النَّجَاةُ مِنْ النَّارِ وَهُوَ مَأْثُورٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.وَقَدْ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ:{ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ } قَالُوا:فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَأَتِّي الطَّمْثِ مِنْهُمْ لِأَنَّ طَمْثَ الْحُورِ الْعِينِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْجَنَّةِ."  .
مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية- دار الوفاء (19/ 37) وانظر دلائل النبوة للبيهقي محققا (2/ 227) وانظر آكام المرجان في أحكام الجان (ص:75) و (ص:88):الْبَاب الثانى وَالْعشْرُونَ فى ثَوَاب الْجِنّ على أَعْمَالهم و(ص:91) الْبَاب الثَّالِث وَالْعشْرُونَ فِي دُخُول كفار الْجِنّ النَّار والْبَاب الرَّابِع وَالْعشْرُونَ فِي دُخُول مؤمنيهم الْجنَّة (ص:92)


عدل سابقا من قبل Admin في الإثنين أبريل 13, 2015 10:14 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ibrahimsarhan.forumegypt.net
amr_badr




المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 27/03/2015

الجنُّ مكلَّفون كالإنس Empty
مُساهمةموضوع: رد: الجنُّ مكلَّفون كالإنس   الجنُّ مكلَّفون كالإنس Emptyالجمعة مارس 27, 2015 10:11 pm

جزاكم الله خيرا  .... موضوع جيد جعله الله في ميزان حسناتكم Smile
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الجنُّ مكلَّفون كالإنس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الجن كالإنس يموتون

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الرقيه الشرعية للشيخ ابراهيم سرحان :: الموضوعات :: الجن والقرين-
انتقل الى: