Admin Admin
المساهمات : 209 تاريخ التسجيل : 27/02/2015
| موضوع: أسباب تأخر الشفاء عندالمصابين بالمرض الروحي .. أبو الفداء الخميس أبريل 16, 2015 5:02 pm | |
| أسباب تأخر الشفاء عندالمصابين بالمرض الروحي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاةوالسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى أله وصحبه وسلم ... و ما بعد : يتساءل الكثير عن أسباب تأخر شفائهم من مرضهم الروحي ، حيث أنهم أخذوابكل ما تيسر لهم من الأسباب الحسية ( أو هكذا يظنون ) للعلاج ولكن دون جدوى ، فيقع بعضهم في عرض المعالجين ويلمز فيهم ويطعن ، ويزيد عليهم حربا جديدة بالإضافة إلى شياطين الجن ،ولهذا أحببت أن أستعرض معكم بعض الأمور التي يقع المريض فيها والتي تأخر من شفائه علّهم يعذرون اخوانهم المعالجين إن ملوا من علاجهم وتركوا معالجتهم ...
فمن أسباب تأخر الشفاء:
1 / الإعتقاد في الرقاة ( أو بعبارة أخرى أشمل : اختلال العقيدة عن المرضى ) : يعتقد بعض الناس أن الرقاةبيدهم النفع والضر ، وهذا خطأ عقدي خطير ينبغي الحذر منه ، يقول الله عزوجل : }قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188){ / سورة الأعراف / وهذا الخطاب موجه للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق عند الله عز وجل ، أي قلّ يا محمد للناس : إنني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً ، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه النفع والضر فما بالنا نحن العبيد المذنبون ، فالرقاة من جنس البشر ، ليسوا أنبياء ولا ملائكة .. فمن اعتقد أن الشيخ الفلاني أو الولي الفلاني الحي منهم أوالميت يستطيع شفائه بنفسه فقد وقع في الشرك والشرك بيئة تأهل للعارض البقاء في جسد المريض والاستمرار في ايذائه .
2 / اختلال عقيدة بعض الرقاة : بعض الإخوة يلجئون لرقاة أصحاب بدع و ضلالات فيعطيهم البعض الطلاسم والحجب أو الأذكار المبتدعة أو يدخلوهم لما يسمونه بالزار وغيره فيزيدوا المريض وهناً مع وهنه ... وقد وجدت بعض الرقاة _ هداهم الله _ يضيفون لأنفسهم الألقاب و الأسماء ويزعمون أموراً ليست لهم ولا لغيرهم ، فهذا الذي يزعم أنه يخرج الجن في جلسة واحدة وهذا الذي يزعم أنه مرعب للجن وأن الجن تخشاه وهذا الذي يزعم المريض يشفى بنظرة منه .. كنت أقرأ منذ أيام في أحد المنتديات حيث قرأت لأحد الجهلة من هؤلاء كلاما يقول فيه أن الصحابي عالج اللديغ بجلسة واحدة وقام عن المريض وقد شفي فهل هم أفضل منا حتى يشفي مريضهم بجلسة ونحن لا ؟!! هم عالجوا بالقرآن ونحن نعالج بالقرآن كذلك . هذا وأمثاله ممن يرسخ عقيدة التعلق بالشيخ وعدم التعلق بالله الشافي المعافي وهذا زلل يبين سقوط الراقي وضعف معتقده بالله ، فينبغي التنبه لهذه النقطة جيداً ، ولتبتعد أخي المريض عمن يفاخر بنفسه وبالمرضى الذين شفوا على يديه ولتعلق قلبك بالله عز وجل واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بما كتبه الله لك ، ولو أجتمعت على أن يضروك لم يضروك إلا بما كتبه الله عليك .
3 / ضعف يقين المريض : بعض المرضى يأخذ القرآن على سبيل التجربة ، فهو يجرب الرقية الشرعية ، فإن آتت أكلها فبها ونعمت ، وإلا فهو لن يخسر أي شيء ، وهذا ما قاله الشيخ ابن جبرين رحمه الله : أن من أخذ القرآن على سبيل التجربة فإنه لا ينتفع به ( الفتاوى الذهبية )
4 / التهاون في الطاعات أو القيام بها على وجه غير مشروع : كأن يكون المريض متهاون في الصلاة أو الحجاب ...إلخ فإن الطاعات تقوي العبد والمعاصي تضعفه ، والطاعة تجعل من النيل من العبد أمراً صعبا على الشيطان ومعذبا له ، بينما المعاصي تهيء الجو المناسب له ليفعل ما يشاء .. فالعبادة هي الوسيلة للتقرب إلى الله عز وجل ، فإن كانت فاسدة أوباطلة فأنّى يستجيب الله للعبد ويكشف عنه ضره وبلائه .
5 /عدم إخراج الصور ( ذوات الأرواح ) المعلقة والتماثيل والكلاب من البيت أثناء قراءة سورة البقرة في البيت ، أو أثناء برنامج العلاج مما يمنع دخول الملائكة ، و يؤدي إلى مكوث الشياطين في البيت ، و هذا لا ينفع المريض في العلاج.
6 /إعتماد بعض المرضى على الرقية الجماعية أو الرقية من الشيخ المعالج دون أن يكون له برنامج للعلاج في منزله بكثرة تلاوة القرآنالكريم مثلاً أو سماعه وبالأخص الرقية الشرعية ، فيعتمد على الجلسة البسيطة في القراءة مع المعالج .
7 /ارتكاب المحرمات من الكبائر وغيرها ، مما يقوي شوكة الشيطان ويضعف الوازع الديني لدىالمريض ، فتضعف نفسه فيقوى عليه الشيطان ، فلا يكاد يحرقه بشي من تلاوة القرآن حتى يعطيه الدواء النافع ليستعيد قوته .. وقد جائني الكثير من هؤلاء ... وقد كنا نبدأ بالعلاج مع وعود بالإلتزام ولا أجد منهم الوفاء بوعودهم فأترك علاجهم لأنني أضيع وقتي بدون فائدة .
8 /عدم الإستمرار عند راقي واحد ، وكثرة التنقل بين الرقاة ، حيث إن المطلوب في الأمراض والعلل الروحية الاستمرار على القراءة سواءًبنفسه أو أن يقرأ عليه غيره ، وقد قيل قديما ( الثبات نبات ) فمن لم يثبت لم ينبت على الوجه المطلوب ، والشجرة التي يكثر قلعها وتنقيلها من مكان لآخر لا تنمو نمو مثيلاتها .
9 /الذهاب للسحرة : واستعمال علاجاتهم في إزالة المرض ، وهذا لا شكأنه يسبب تأخر الشفاء بعد إذن الله ، حيث إن بعض السحرة يستخدم أعوانه من الجن لتخليص المريض من الجن الملتبس فيه ( هكذا يزعم ) ، فيزيد عناء المر يض ، أو يُشرب المريض طلسم يعتقد أنه صحيح فيظهر خلاف ذلك ، فينقلب السحر ويزيد المريض وهنا وضعفا وسحرا ، وكم سمعت عن مثل تلك الحالات التي كانت تتنقل من ساحر لساحر وبعد كل مرة يذهبون فيها لأحدهم تزداد الحالة سوءاً عما كانت عليه .
10 / الكلام أمام الناس واخبارهم بأمر العلاج : بعض المرضى هدانا الله وإياهم إذا كان مريضاً فإن أغلب جيرانه وزملائه في العمل وفي المسجد يعلمون من كلامه أنه يتعالج ، وهذا خطر على المريض فلربما يتجدد السحر إن كانت الاصابة الروحية سحراً ، فالقاتل يدور حول الجريمة ...عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود" رواه الطبراني في الثلاثة و صححه الألباني في السلسلة الصحيحة 3/436 (حديث رقم 1453 ) وفي صحيح الجامع برقم943
11 /التسو يف :حيث تجد المريض يسوف في تطبيق البرنامج المعطى له من قبل المعالج ويؤجله كله أو بعضه .
12 /كثرة التشاخيص بسبب التنقل بين الرقاة : وهذا أعتبره من أخطرها ، حيث أن بعض الرقاة هداهم الله : يهتم بالتشخيص قبل العلاج ، فراقي يقول سحر و يقرأ على المريض آيات السحر ولا يقرأ غيرها ،وراقي يقول عين ويقرأ على المريض آيات العين دون غيرها، وراقي يقول مس و يقرأ آية الكرسي فقط ، وقد ينجح الراقي الذي يُشخص بأن الحالة مس لأن آية الكرسي يذهب بها السحر والعين والمس ، فالواجب تعميم القراءة حتى وإن برزت للراقي علامات تدل على تشخيصه ، لأن الشياطين ماكرة ، مع الأخذ بالإعتبار أن التشخيص هو أمر ظني مبني على الإجتهاد وغلبة الظن ولا يقين فيه ، ولذا فإني أرى أن الأسلم والأولى أن لا يعلم المريض ما هي حالته ( مس ، سحر ، عين ) لأن هذا يشوشه ، حتى أن بعض المرضى أصبح همه فقط هو التنقل بين الرقاة وسؤالهم واحداً واحداً عن حالته حتى إن أعجبه تشخيص أحدهم استمر معه ، حاله كحال ذلك الذي يتنقل بين العلماء باحثا عن فتوى في مسألة شرعية فإن وجد من أحدهم إجابة تلبي شهوته ركن إليه .
13 / قد يكون تأخر الشفاء لحكمة من الله عز وجل ، فيها ابتلاء للعبد وامتحان له واختبار ، فالإبتلاء كما نعلم إما يكون عقابا على عمل أو معصية ما ، أو لتكفير السيئات عن العبد ، أو لرفع درجاته يوم القيامة عندما يبتلى ويصبر على البلاء .
يقول الدكتور محمد محمود عبدالله مدرس علوم القرآن بالأزهر : ( فإذا لم يصب الدواء الداء ويدفعه ، فالعلة في صاحب الداء وليسفي الدواء ، ومتى يسلب الحق تعالى الدواء خاصية الشفاء فلا ينفع ولا يدفع ، لا يكونهذا إلا ببعد العبد عن ربه ، وتخبطه في منهج بعيد عن منهج خالقه سبحانه فنجد من يتلذذون في المحرمات واقتراف السيئات وهم لاهون غافلون عن العقوبات التي تنزل بهم على هيئة أمراض فتاكة وفيروسات وآفات لا يستطيعون دفعها ولا مقاومتها : وتراهم يشكون المرض ، لكنهم يتجاهلون أسبابه وهي فعلهم الموبقات )( بديع القرآن - ص 5 - 6 )
وقد وقفت على كلام في غاية الروعة للشيخ محمد بن صالح المنجد - حفظه الله - يلخص كلذلك فيقول بعد طرح السؤال :
حصل لها كثير من المصائب فأصابها اليأس من الحياة ، وتسأل عن الحل ؟؟؟
ابتليت منذ فترة ببعض الآلام الجسدية التي زاد من حدتها بلاء " السحر " الذي كدر علي حياتي وتقدم سني مع عدم الزواج !! أكاد أشعر باليأس والإحباط ، فحياتي في شقاء ، وليس فيها شيء من مظاهر التوفيق أو النجاح ، ولا أقوم بواجباتي الدينية كما ينبغي ، فلا أنا ارتحت في الدنيا ، ولا أنا أشعر بحلاوة الإيمان . فكيف أقوى على الاستمرار فيحياتي ؟؟؟
الحمد لله ،،،
أختي السائلة : من خلال كلامك وعرضك للمشكلة القائمة لديك يتبين لنا أمور هامة لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار منها :
أولاً : أن عندك من الخير ما لا يقدَّر بثمن ، وعلى رأس هذا الخير : الإسلام ، فهذه نعمةعظمى ومنة كبرى منَّ الله بها على كل مسلم ، مهما حصل له من البلاء والهم والغموالاكتئاب فلا بد له أن يتذكر أنه مسلم ، وأن الله يحب من عباده أن يكونوا مسلمين مع غناه عنهم وعدم ضره لو كفروا ، ولو وقعت منه بعض المنكرات ، فبقاؤه في دائرةالإسلام من نعم الله العظيمة عليه .
وتصوري - أختنا الفاضلة - أن لديك منالدنيا أجمل ما فيها : المال ، والمكانة ، والزوج ، والأولاد ، والبيت الهادئالمستقر ، والثقافة ، والسعادة تملأ حياتك ، وكل ما تمنيتيه فهو موجود لديك ، ولكنذلك كله مع اعتناقكِ لليهودية ، أو النصرانية ، أو البوذية ، أو أنك تقدسين بقرة ،كملايين من الناس ، أو أنك تعبدين فأراً ، أو الشمس ، أو أي مخلوق آخر ، أو أنك منالحيارى التائهين : فهل سيكون ذلك خير أم ما أنت عليه من الهموم والغموم مع الإسلام؟! .
وثانيها : السنَّة :
وتخيلي - أختنا الفاضلة - لو أنك تنتسبين إلى الإسلام ولكن على منهج غير قويم ، تصوري أنك شيعية رافضية تعتقدين أن القرآن محرّف ناقص وتقدِّسين عليّاً ، وتسبين الصحابة – رضوان الله عليهم جميعاً - ،وتكفِّرين عمومهم ، وتتعبدين الله بلعن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وتتهمين أم المؤمنين عائشة بالزنا - كما هو حال الملايين ممن ينتسب للإسلام والإسلام منهم براء - ؟!
أو تصوري أنك ممن ينتسب إلى الإسلام ويعتقد أن الأولياء في قبورهم ينفعون ويضرون ، فيدعونهم ، ويستغيثون بهم ، ويذبحون لهم ، ويقدمون لهم القرابين ،وهذا لا شك أنه الكفر الصريح .
وهذه إشارة إلى فرقتين من بين اثنتين وسبعين فرقة تنتسب إلى الإسلام كلها في النار إلا واحدة كما أخبر بذلك الذي لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام .
أيهما أحب إليك ؟ أن تكون الدنيا وما فيها منمتاع تحت قدميك مع هذا الضلال والانحراف أم تكوني مسلمة سنية وفطرة وتوحيد مع كثيرمن الهموم والمتاعب ؟ .
ثالثها : واحمدي الله تعالى على الهداية للصلاة والتوفيق للعمل الصالح :
فإن كثيراً من الناس يعدُّ نفسه مسلماً سنيّاً ،ولكنه لا يصلي ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( العَهدُ الذِي بَينَنَاوَبَينَهُمُ الصَّلاةُ ، فَمَن تَرَكَهَا فَقَد كَفَرَ ) رواه الترمذي ( 2621 ) والنسائي ( 463 ) وابن ماجه ( 1079 ) ، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ومن التوفيق للعمل الصالح : حب الله ورسوله والصحابة كما ذكرت ذلك في رسالتكِ ، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام قوله : ( ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِي هِوَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّالِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ ) رواه البخاري ( 16 ) ومسلم ( 43 ) .
وكذلك فإن حب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أعظم القربات التي حُرم منها أكثر البشر ، فقد صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : " ( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ ) رواه البخاري ( 6169 ) ومسلم ( 2640 ) من حديث عبدالله بن مسعود ، ورواه مسلم ( 2639 ) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه .
فهذه الخيرات العظيمة التي لا تستبدل واحدة منها بالدنيا وما فيها منالملذات والنعيم ، وفي الواقع أنتِ لا تشعرين بقيمتها الحقيقية ؛ لأنك لم تجربي فقدها يوماً ولم تري شيئاً من ثمارها في الدنيا إلا القليل .
أختنا الفاضلة :
إننا لا نقلِّل من حجم المشكلة التي تعانين منها ، ولكن تضخيم الأمور قديجعل من مشكلة واحدة مشكلات متعددة ، وأنت عندك في الواقع مشكلات متعددة ، فكيف ل وضخمتِ كل واحدة منها حتى أصبحت عدة مشكلات ؟! .
إن النظر إلى المشكلات منزاوية واحدة يُورث الهم والغم والاكتئاب ، وإن كانت صغيرة تعظم في نظر صاحبها حتىيرى أن هموم الدنيا كلها على كاهله ، ولا يمكن أن تكون هنالك مشكلة لدى مسلم ليسفيها إلا الشر المحض ، وفي أكثر الأحيان يكون الخير في المصيبة أضعاف السوء الذيفيها .
أولاً : هل تعلمين أن الله يبتلي المؤمنة لأنه يحبها ويحب الخير لها، ففي الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام ( مَنْ يُرِد الله بِهِ خَيْراً يُصِبْمِنْهُ ) رواه البخاري ( 5321 ) .
فأي فضل أعظم من أن يغسل الله عبده الذييحبه من الذنوب أولاً بأول ، بالبلاء والمصائب ليلقاه يوم يلقاه نقيّاً لا ذنب عليه، فتكون الفرحة عنده عظيمة ، ويعلم حينها أن البلاء الذي كان به من أعظم نعَم الله عليه .
والنبي صلوات الله وسلامه عليه يقول : ( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلَاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ ) . رواه الترمذي ( 2402 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
فجددي نظرتك أختي الكريمة للحياة التي تعيشين ، وللمصائب التي تعانين ، وأحسني الظن بربك ، فهو أحكم الحاكمين سبحانه .
حاولي أختي قدر استطاعتك أن تنظري للجانب الطيب الجميل لكل مشكلةتعانينها : نفسيَّة كانت أو ماديَّة ، فمثلاً : تأخر الزواج :
كم من الفتيات تأخر سن الزواج بالنسبة لهن فكان ذلك لهن خير عظيم .
فهذه امرأة بلغت الأربعين من العمر ، تزوجت أخواتها وتزوج إخوانها ، وتوفي والداها ، وبقيت في البيت وحدها ، وهي ذات دين وصلاح ، قالت لها امرأة : أعانك الله على هذه الوحدة ،بقيتِ وحدك بعدما ذهب كل أهلك ، وجعلتْ تصبِّرها ، فردت بجواب يعجز عنه كثير من الخاصة لو كانوا مكانها ، وصعقت المستمعات بإجابتها ، قالت : ومن قال لكِ إنني أعيش وحدي ؟ أبداً ؛ أنا ما عشتُ يوماً إلا مع من أحب ! فهو معي في الليل والنهار ، لايفارقني طرفة عين ، أناجيه في الأوقات الفاضلة ، إنه ربي .
مثال آخر : في مصيبة عدم الإنجاب :
إحدى الأخوات تزوجت ومكثت سنوات ولم تنجب ، ثم علمت من الفحوصات أنها هي سبب عدم الإنجاب ، فخيَّرت زوجها بين أن يطلقها أو تُزوِّجه امرأةأخرى تعيش معها كأختين في بيت واحد ، وكان يحبها لدينها ، وصلاحها ، فاختار أن يتزوج ، ويبقيها معه زوجة ثانية بكامل حقوقها الزوجية ، وتم ذلك فصار لديها وقتفراغ ، فالتزمت مع مجموعة من النساء في حفظ القرآن ، حتى أتمت حفظه ، ثم أخذت سنداً، وإجازةً في القراءة ، والحفظ ، ثم بدأت تطالع وتدرس فأخذت دورة فقهية ، ودورة في العقيدة ، وهي الآن مدرسة للنساء في عدة مراكز نسائية ، وكان لها الفضل بعد الله في إدخال السنَّة في كثير من المناطق التي طالما عاشت على البدع والخرافات ، وكان لها أثر عظيم في رفع الجهل عن نساء طالما عبدن الله على جهالة ، فهي قد صبرت على برئها، فأكرمها ربها ؛ لما ترى لتفرغها من الأثر العظيم على نفسها وغيرها من العلموالتعليم .
مثال ثالث :
وهذا المثال يتعلق بمشكلة من أكبر المشاكل التي تعانين منها وهي السحر ، وتأثير الجن والسحرة على الناس ، وفي هذا المثال إجابات على أكثر تساؤلاتك المتعلقة بالموضوع .
فتاة من عائلة طيبة متدينة ،ابتليت الأسرة بزوجة أحد الأبناء أنها تتعامل بالسحر ، فحصل بينها وبين أخت زوجها خلاف فسحرت لها سحراً ليعزف الخطاب عنها ، وليروها قبيحة عند أول رؤية ، فلا يرجعالخاطب ، وقد حصل ذلك مرات عديدة رغم أن عندها نسبة جمال ملحوظة ، وبقيت على ذلك مدة طويلة ، ثم عرضت نفسها على الرقية الشرعية من السحر فظهرت آثار السحر عليها ،وبقيت تتعالج مدة فلم تستفد ، كلما ظنت أن المشكلة عندها قد انتهت تتفاجأ بأنها مازالت تعاني من نفس السحر ، فأصيبت بما تصابين أنت به الآن من هم وغم واكتئاب .
وبدأت تتساءل ، ألهذه الدرجة يكره الناس بعضهم ويؤذون بعضهم بلا مبرر ،وأصبح السحر والجن يسبب لها الرعب في الليل والنهار ...
ثم عرضت مشكلتها على أحد أهل الاختصاص ، فقال لها : عشر نقاط ، التزمي بها ، وبإذن الله ألا تستمر هذه المشكلة إذا صبرتِ وتحملتِ مدة يسيرة ، ولا تحتاجين فيها أن تعرضي نفسك على رجل ليرقيك ، بل تعالجي نفسك بنفسك ، فقالت : أصبر ، وأبذل كل جهدي بإذن الله فكُتب لهاعشر نقاط ، والتزمت بها وحافظت عليها بقوة ، وها هي النقاط العشر نكتبها لك ، ونسألالله أن يوفقك للمحافظة عليها كجزء من علاج عدة مشكلات عندك ، والسحر واحدة منها ،وهذه النقاط هي :
1. قراءة ما تيسر من القرآن في كل يوم .
2 الدعاءفي الثلث الأخير من الليل بإلحاح أن يفرج الله عنك .
3. تحري أوقات الإجابة، والدعاء فيها ، مثل السجود ، وبين الأذان والإقامة ، وقبل التسليم من الصلاة .
4. المحافظة على أذكار الصباح والمساء ، حتى في أيام الحيض .
5. العناية بالأذكار المخصوصة ، كالذكر عند دخول المنزل ، ودخول الخلاء ، والخروج منه، والنوم ، والاستيقاظ ، ومختلف مناسبات الأذكار ، وهي مفصلة في رسالة صغيرة الحجم عظيمة النفع ، وهي " حصن المسلم " للشيخ سعيد بن وهف القحطاني .
6. البعد عن المعاصي ، وترك الغفلة ومواطنها ؛ لأنها مواطن تجمع الشياطين ، وفيها يُستغل الغافلون ، فيُسيطر عليهم بالشهوات .
7. محاولة إعانة مكروب ، وتفريج كربته، عسى الله أن يفرج كربتك بذلك ، فمن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرَّج كربة أخيه فرَّج الله كربته .
8. الدعاء لأصحاب الكربات أن يفرج الله عنهم ؛ لأن ذلك مظنة دعاء الملائكة لك بمثل ما دعوتِ .
9. كثرة الاستغفار .
10. الإكثار من دعاء الكرب في مختلف الأوقات وهو : " لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش الكريم لا إله إلا الله رب السماوات وربالأرض ورب العرش العظيم " .
وبعد شهر تقريباً من محافظتها على هذه الأمور – مع اختلاف يسير - : أذهب الله بلاءها ، وكتب لها الشفاء والعافية ، وما هي إلا أيامبعد ذلك حتى جاءها خاطب وتزوجت ، وعندها الآن ثلاثة أبناء ، وتعيش حياة هادئة مستقرة ، تتقلب بين النعم الدينية والدنيوية .
المثال الأخير ، وأسأل الله أن يجعل فيه عبرة وأسوة لك .
فتاة من عائلة غير متدينة ، تزوجت بشاب عامي يميل إلى التدين مع شيء من التهاون والتفريط في بعض الأمور الشرعية ، حملت بعد أشهر من الزواج ، ومكث الحمل مدة ثم سقط ميتاً ، حزنت هي وزوجها كثيراً ، ثم بعد عدة أشهر حملت ثانية ، ومكث الحمل عدة أشهر ثم سقط كالأول ، فكان الحزن للثاني أعظم ،فأصبحا يراجعان الأطباء لمعرفة الأسباب ، وتم تشخيص العلة ، وفي الحمل الثالث أخذتالأدوية اللازمة لتثبيت الحمل إلا أنه بعد أشهر سقط ميتاً مع أخذ كل الاحتياطات لتثبيته ، وكان الحزن هذه المرة أضعاف الأوليين ، وفقدا الثقة بالطبيب فبحثوا عنآخر أمهر منه لكن الأمر تكرر ، وأسقطت مرة أخرى ، فبدأ كل منهما يبحث عن علاج ويسألفأرشدوا إلى شيخ يعالج بالرقية فقال لها عندك سحر قوي ، وهو الذي يسبب الإسقاط ،ويحتاج عدة جلسات ، وتم ذلك ، ولكن لم تستفد شيئا ، ثم إلى شيخ آخر ، وثالث ، ورابع، وفي كل مرة يحصل علاج جزئي ثم تعود أعراض السحر إليها ثانية .
فضاقت الدنيا على الزوجين بما رحبت ، واقتربا من اليأس ، وأصبحت الحياة بلا طعم ، وكثيرمن التساؤلات التي طرحتيها - أختنا الفاضلة - في رسالتك كانا يطرحانها ، لماذا خلقالله الجن ؟ ولماذا يتمكن من أذيتنا دون أن نقدر على فعل شيء ؟ ولماذا ؟ ولماذا ؟فأصيبا باكتئاب ، وكاد ذلك يعصف بحياتهما الزوجية .
ثم يسَّر الله لزوجها لقاء أحد طلبة العلم الأفاضل ، فقال له : ألا أدلك على خير دينك ودنياك ؟ فقال الزوج : هذا ما أبحث عنه ، فكتب له قريبا مما ذكرنا من النقاط العشر ، فالتزمها هووزوجته ، ويسَّر الله أمرهما ، وفرَّج كربهما ، ورزقا بطفلة غاية في الجمال .
لقد مرت هذه المرأة بابتلاء عظيم ، ومات أطفالها بفعل السحر ، وأنفقتالأموال على العلاج ، ولكن انقلب البلاء في النهاية إلى نعمة ، بل نعَم كثيرة ، فقد كانت تؤخر الصلاة عن وقتها فأصبحت تحافظ عليها ، وكانت تسمع الأغاني وتشاهد المسلسلات والأفلام وتحضر الأعراس المختلطة بما فيها من منكر ، فامتنعت هي وزوجهاعن ذلك إلى هذه اللحظة ، وكانت لا تعرف قيام الليل ولا تلاوة القرآن ولا حفظه ولاطلب العلم ولا صيام النوافل ، ثم أصبحت من أهل ذلك كله ، حتى وإن انتهت المشكلة التي كانت تعاني منها قبل سنة ، إلا أنها ذاقت طعم الطاعة ، ولذة العبادة والمناجاة، فقررت أن تحافظ عليها طيلة عمرها ، نعم كانت في مشكلة ومصيبة : فأصبحت مشكلتها سبباً لرفعتها في الدنيا والدين ، نسأل الله لنا ولها ولك أختنا الفاضلة الثبات على الدين والاستقامة .
والله الموفق الإسلام سؤال وجواب الشيخ محمد بن صالح المنجد فتوى رقم ( 100267 )
المصدر :
http://www.islam-qa.com/ar/ref/100267/تأخر%
أسال الله تعالى العلى القدير أن يَشفى جميع مرضى المسلمين وأن يلبسهم ثوب العافية من جميع الأمراض العضوية والقلبية والروحية وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه وجمعه لكم أخوكم في الله : بسام طه ( أبو الفداء ) يوم الاثنين : 3 / صفر / 1431 هـ الموافق : 18 / 01 / 2010 م الساعة التاسعة مساءاً في الامارات العربية المتحدة / الشارقة
منقول
http://islamicdiaa.ga2h.com/vb/showthread.php?t=86
| |
|