كلمة الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - في السحر
الحمد لله، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد :
فقد اطلعت على مقال نشر في بعض الصحف يتضمن تمجيد بعض أعمال الجاهلية والفخر بها والدعوة إليها، مثل التعلق بالنجوم والأبراج والحظ والطالع، فرأيت أن من الواجب التنبيه على ما تضمنه المقال من الباطل، فأقول:
إن ما يسمى بعلم النجوم والحظ والطالع من أعمال الجاهلية التي جاء الإسلام بإبطالها وبيان أنها من الشرك لما فيها من التعلق بغير الله تعالى واعتقاد الضر والنفع في غيره، وتصديق العرافين والكهنة الذين يدعون علم الغيب زورا وبهتانا، ويعبثون بعقول السذج والأغرار من الناس ليبتزوا أموالهم ويغيروا عقائدهم، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ((من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)) رواه أبو داود وإسناده صحيح، وللنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه ((من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه)) وهذا يدل على أن السحر شرك بالله تعالى وأن من تعلق بشيء من أقوال الكهان أو العرافين وكل إليهم وحرم من عون الله ومدده.. وقد ذكر مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما)) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) أخرجه أهل السنن الأربع، وعن عمران بن حصين مرفوعا: ((ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)) رواه البزار بإسناد جيد،
قال ابن القيم رحمه الله: (من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سموه عائفا وعرافا، والمقصود من هذا: معرفة أن من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو إما داخل في اسم الكاهن وإما مشارك له في المعنى فيلحق به، وذلك أن إصابة المخبر ببعض الأمور الغائبة في بعض الأحيان يكون بالكشف ومنه ما هو من الشياطين. ويكون بالفال والزجر والطيرة والضرب بالحصى والخط في الأرض والتنجيم والكهانة والسحر ونحو هذا من علوم الجاهلية، ونعني بالجاهلية كل ما ليس من أتباع الرسل عليهم السلام كالفلاسفة والكهان والمنجمين ودهرية العرب الذين كانوا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هذه علوم لقوم ليس لهم علم بما جاءت به الرسل صلى الله عليهم وسلم، وكل هذه الأمور يسمى صاحبها كاهنا وعرافا وما في معناهما فمن أتاهم أو صدقهم بما يقولون لحقه الوعيد.
وقد ورث هذه العلوم عنهم أقوام، فادعوا بها علم الغيب الذي استأثر الله بعلمه، وادعوا أنهم أولياء لله وأن ذلك كرامة)
انتهى المقصود نقله من كلام ابن القيم رحمه الله.
وقد ظهر من أقواله صلى الله عليه وسلم ومن تقريرات الأئمة من العلماء وفقهاء هذه الأمة، أن علم النجوم وما يسمى بالطالع وقراءة الكف وقراءة الفنجان ومعرفة الحظ كلها من علوم الجاهلية، ومن المنكرات التي حرمها الله ورسوله، وأنها من أعمال الجاهلية وعلومهم الباطلة التي جاء الإسلام بإبطالها والتحذير من فعلها، أو إتيان من يتعاطاها وسؤاله عن شيء منها، أو تصديقه فيما يخبر به من ذلك لأنه من علم الغيب الذي استأثر الله به، قال تعالى: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}[1]
ونصيحتي لكل من يتعلق بهذه الأمور أن يتوب إلى الله ويستغفره، وأن يعتمد على الله وحده ويتوكل عليه في كل الأمور، مع أخذه بالأسباب الشرعية والحسية المباحة وأن يدع هذه الأمور الجاهلية ويبتعد عنها، ويحذر سؤال أهلها أو تصديقهم طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحفاظا على دينه وعقيدته، والله المسئول أن يرزقنا والمسلمين الفقه في دينه والعمل بشريعته، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه وخاتم رسله محمد وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين.
فتاوى صدرت حول السحر
س: هل يجوز للمسلم أن يتمنى الموت إذا تسلطت عليه الشياطين وبالغت في إيذائه?
وقد أحيل السؤال للشيخ محمد الثبيتي حفظه الله فأجاب :-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين لا يجوز للمؤمن أن يدعو على نفسه بالهلاك لضر نزل به لأن هذا ينافي كمال الرضى بالقدر الذي قدره الله على العبد فإن كان ولابد داعيا على نفسه فليقل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد فاعلاً فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خير لي واجعل الحياة زيادة لي في كل خير واجعل الموت راحة لي من كل شر ) .
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
علاج السحر
التحصن قبل وقوع السحر
قبل الحديث عن كيفية التحصن عن السحر فإنني أحب أن أوضح بعض النقاط المهمة :-
1- وأهمها التوكل على الله عز و جل فمن توكل على الله كفاه ووقاه وحماه فالله جل وعلا يقول( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) أي كافيه كل شيء.
2- المحافظة على أذكار الصباح والمساء ومنها قراءة المعوذتين والإخلاص فإنها عظيمة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من قرأها ثلاث مرات إذا أصبح وثلاث مرات إذا أمسى كفتاه) أي كفتاه من كل شيء بل كان يوصي أصحابه بها فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعقبة رضي الله عنه ( تعوذ بهن فما تعوذ متعوذ بمثل تُعوذ بهن ) ويقول ابن القيم رحمه الله حاجة الناس للمعوذتين أشد من حاجتهم للطعام والشراب والنفس وخير كتاب جمع الأذكار كتيب صغير بعنوان حصن المسلم فاحرص على اقتنائه ( رابط للكتاب) ومن الأذكار العظيمة والتي لها تأثير عظيم على السحرة ( أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( من نزل منزلا فقال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لا يضره شيء حتى يرتحل ) من مكانه فعلى المسلم المحافظة عليها والحرص بقولها في الحضر والسفر والنزول بأي مكان ينزله فإن المقام لا يتسع لأن يساق بعض من فوائدها من انهازام السحرة واندحاره.
3- قراءة سورة البقرة في المنزل فإنها حصن وحفظ من الجن والسحرة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (سورة البقرة أخذها بركة ) وقال البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان وسورة البقرة لا تستطيعها البطلة أي ( السحرة ).
4- المحافظة على دعاء دخول الخلاء ( الحمام ) ( أعوذ بالله من الخبث والخبائث والرجس والنجس ).
5- قراء آية الكرسي قبل النوم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سبب من أسباب الحفظ من الشياطين ومن كل شيء يضره .
6- قراءة آية الكرسي في اليوم والليلة.
7- المحافظة على قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قديرمئة مرة (كانت له عدل عشر رقاب – وكتب له مئة حسنة ومحيت عنه مئة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم يأتي احد بأفضل ممن جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك ).
8- المحافظة على دعاء الخروج من المنزل فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( من قال اذا خرج من بيته بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قيل له كفيت ووقيت وتنحى عنك الشيطان) .
9- المحافظه على صلاة الفجر جماعة مع المسلمين في المسجد فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله ) ومن يكن في ذمة الله فهل يكن للشيطان عليه من سبيل ؟ وهل يكون للسحرة والكهان عليه من سبيل ؟
10- التمر فقد صح عنه : (من تصبح بسبع تمرات من عجوة المدينة لم يضره سحر ولا سم) وفي رواية (مما بين لابتيها) يعني من جميع تمر المدينة العجوة وغير العجوة, كما رواه مسلم في صحيحه, وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ويرجى أن ينفع الله بذلك التمر كله, لكن يفي على المدينة لفضل تمرها والخصوصية فيها, ويرجى أن الله ينفع ببقية التمر إذا تصبح بسبع تمرات, وقد يكون ذكر ذلك بالفضل خاص لتمر المدينة لا يمنع من وجود تلك الفائدة من أنواع التمر الأخرى التي أشار عليها عليه الصلاة والسلام ,وأعتقد أنه جاء في بعض الروايات (من التمر)
من غير قيد ج 8 ص 109 فتاوى ورسائل ومقالات سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله .
وهذا مجمل التحصن من السحر قبل وقوعه ...