بسم الله والحمد لله
علاج وسوسة القرين
تداهم البعض أفكار تؤرقه وتسبب له ضيقة الصدر والحزن وهناك من يصبح أسير لتلك الأفكار المحبطة دون أن يشعر فيصبح عضو غير فعال في المجتمع وقد تؤدي بالبعض لا قدر الله لاقتراف المحرمات وعادة ما تكون هذه الأفكار السلبية نتاج وسوسة (القرين) ويعتبر الإسلام القرين كائن غيبي يلازم الإنسان في حياته حيث انه مخلوق من الجن
المسبب للوسوسة والشرور المتأتية من إغواء النفس حيث ورد ذكره في عدة مواضع من القران الكريم
قال تعالى : - " وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ " (سورة ق -آية 23)
وقال تعالى : - " قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيد " ( سورة ق -آية 27)
وقال تعالى : - " وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ " (سورة الزخرف – آية 36)
وعن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما منكم من أحدٍ إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير "
وأمام هذا العدو الذي يختبر الله به مدى إيماننا وقوتنا وصبرنا يكمن التصرف الصحيح والبحث عن طرق للتخلص من الأفكار المتعبة للنفس البشرية
فالوسوسة من أهم القضايا التي يتسلط بها الشيطان على الإنسان ، قال تعالى :
" إنما يأمركم بالسوء و الفحشاء و أن تقولوا على الله مالا تعلمون " (سورة البقرة آية 169 )
فالقرين من الجن غير مشاهد أو محسوس ويتسلط على الإنسان لعدة أسباب إما لأن الإنسان غافل عن ذكر الله ومتبع لهوى النفس في مداومته على المعاصي والشهوات ، أو لأن الإنسان مصاب إما بحسد أو سحر, او تعرض لضغوط نفسية أو مواقف صعبة في حياته أدت لتسلط القرين عليه .
ومن الدلائل على وسوسة القرين وكيف نعلم أن مابنا هو بسبب تسلط القرين علينا أم بسبب أخر يكون معلوم :
1ـ يكون طابع الفكرة السلبية التي تراودنا هي التكرار ( وتأتي بصور مختلفة ) .
2ـ تكون الفكرة سلبية لا تفيد صاحبها أبدا وغالباً ليس لها حل .
3ـ تكون نتيجة الفكرة : ضيقة الصدر والحزن والألم .
4ـ أنها تدفع للمعصية والشهوة وهذه الفكرة تكون بلا سبب واضح .
والمشكلة تكمن في استقبال الأفكار السلبية واحتضانها وتنفيذها وهي غالبا ما تؤدي بالإنسان إلى الإنهزام النفسي والتقوقع حول النفس والإبتعاد عن الناس أو تؤدي هذه الوساوس والأفكار السلبية إلى الوقوع في المعاصي والشهوات المحرمة والابتعاد عن فعل الخيرات والعبادات أو تكون العبادات ثقيلة على النفس ، وهنا نقطة مهمة احب أن أنبه عليها أن البعض يكون يقظاً عند اقترافه المعصية ولكن بعد الانتهاء منها يندم على
عمل المعصية ويلوم نفسه ويتوب وهذه تكون في من يخافون الله ويخشونه ولكن المؤسف عندما يعود الانسان إلى تكرار المعصية مع (( غياب الدافع والسبب )) وهذا دليل واضح على تسلط الشيطان عليه وإستسلامه هو
لذلك يجب على الانسان أن يحاسب نفسه قبل أن يُحاسب نسأل الله الهداية والسلامة والعافية .
أما الحلول في التخلص من تسلط القرين ووسوسته فهناك عدة طرق :
أولها وأهمها :
طرد الوسوسة والافكار السلبية بالعلاج بالقرآن والتسبيح وكثرة الدعاء والاستغفار والوضوء والصلاة والقيام بكل عمل فيه طاعة لله والحرص كل الحرص على أن يكون الذهن حاضراً وقت العبادات وفعل الخيرات والثقة كل الثقة بالله بأن الله معنا يسمعنا ويستجيب دعائنا فهو اقرب لنا من أرواحنا قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا
تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد)سورة ق16، فكل هذه الأشياء كفيلة بأن تبعد وسوسة القرين وكل الأفكار السلبية التي ترد للإنسان وتحفظه منها بإذن الله .
ثانيا :
1ـ عندما تأتي الفكرة السلبية وتسيطر على الإنسان في هذه اللحظة يجب أن يقول في نفسه على الفكرة السلبية هذه وسوسة فيستعيذ بالله من الشيطان ومن شر كل وسواس ويكرر نفس الطريقة عند معاودة الفكرة حتى يقل تأثير الفكرة على الانسان ثم تزول وتنتهي بإذن الله .
2ـ تأجيل الفكرة السلبية (( الوسوسة )) من الوقت المهم إلى الوقت الأقل أهمية ، فمثلا عندما تأتي الفكرة التي تسبب ضيقة الصدر أو الحزن أو الألم للإنسان قبل أن ينام وفي الغد لديه عمل مهم فعليه بتأجيل الفكرة السلبية من الليل إلى وقت أخر في الغد
والهدف من ذلك هو أن يستطيع النوم وإنجاز عمله في الصباح ، وهكذا يستمر في تأجيل الفكرة السلبية حتى يتغلب عليها وتنتهي فعندما نستطيع تأجيل الفكرة السلبية فنحن نستطيع إيقافها تماما بإذن الله .
3ـ تغيير المكان ، بحيث لو جاءت الفكرة السلبية (( الوسوسة )) والإنسان في غرفة نومه فعليه القيام والخروج منها أو التحدث لأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء أو يشغل نفسه بأي أمر مفيد لتذهب الفكرة التي يوسوس بها القرين ، أي أن لا يكون الإنسان أسير مستسلم لهذه الأفكار السلبية إطلاقا .
4ـ طرح هذه الأفكار السلبية (( الوسوسة )) لمختص أو صاحب معرفة أو إنسان يتميز
بفكره ورجاحة عقله حتى يعينه على التخلص منها ..ولا تنسون بأن بداية ألف ميل تبدأ بخطوة .
أسأل الله جل جلاله الحي القيوم بأن يبارك في هذه الكلمات وأن ينفع بها عباده آمين .