السحر وتأثيره الكوني القدر لا الشرعي ؟!
قال تعالي : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } سورة البقرة (102).
الإستعانة بالجن (السحر) حقيقة لا شك فيها ولا يمكن إنكارها، ومذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافا لمن أنكر ذلك ونفر حقيقة وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها ، وقد ذكره الله تعالى في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به ، وأنه يفرق بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له.
وقد يتوهم البعض أن كون السحر حقيقة ثابتة فإنه ينافى قضية التوحيد وانحصار التأثير لله وحده، والجواب على ذلك أن إعتبار السحر حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثراً بذاته بل هو كقولنا إن السم له مفعول حقيقي والدواء له مفعول حقيقي ثابت .. ، فهذا كلام صحيح لا ينكر غير أن التأثير في هذه الأمور الثابتة إنما هو لله تعالى، وقد قال الله تعالى عن السحر(وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) فقد نفى الله عز وجل عن السحر التأثير الذاتي ولكنه أثبت له في نفس الوقت مفعولاً ونتيجة منوطة بإذن الله.
فالسحر متحقق وجوده وتأثيره بإذن الله الكوني القدر لا الشرعي .